الصلاة من أهم الفروض التي فرضها الله على كل مسلم , وهي لقاؤنا وصلتنا بالمولى عز وجل لخمس مرات في اليوم , وحري بالمسلم أن يراقب عباداته ويتأكد إن كان يقوم بها بالطريقة الصحيحة كما علمنا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم , الذي أوصانا وقال : صلوا كما رأيتموني أصلي .أم أننا نرتكب فيها الأخطاء التي تخل بصحة العبادة ونحن لانعلم؟ بالتالي بدل أن نحصل على الأجر كاملاً فإننا نحمل ذنب العبادة الخاطئة التي لم نكلف أنفسنا بالتأكد ان كانت صحيحة أم لا . في هذا المقال حاولنا أن نجمع الأخطاء الشائعة التي يفعلها أغلب الناس بصلاتهم إما بسبب جهلهم أو من عادات خاطئة متوارثة . وأياً كان سببها فعلينا أن نصحح ماأخطئنا فيه ربما لسنوات طويلة لنلقى الله بعبادة صحيحة كما يحب ويرضى .
الأخطاء الشائعة في الصلاة
- أهم وأكبر خطأ يرتكبه معظم الناس تهاوناً به هو عدم الطمأنينة في الصلاة وهذا من الأخطاء التي تبطل الصلاة، وتجعلها لا نفع فيها، فلا يطمئن في ركوعها ولا سجودها، ولا جلوسها بل ينقرها نقراً، ولا يذكر الله فيها إلا قليلاً. والطمأنينة ركنٌ من أركان الصلاة، لا تصح الصلاة إلا به، وهل يرضيك أخي المصلي أن يصرف الله نظره عنك وأنت تصلي؟ ففي مسند الإمام أحمد أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ((لا ينظر الله إلى عبد لا يقيم صلبه بين ركوعه وسجوده)). وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “«إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ بَيْنَ عَيْنَيِ الرَّحْمَنِ، فَإِذَا الْتَفَتَ قَالَ لَهُ: ابْنَ آدَمَ إِلَى مَنْ تَلْتَفِتُ؟ إِلَى خَيْرٍ لَكَ مِنِّي تَلْتَفِتُ؟»”. اأخي المسلم الإلتفات يكون أيضاً بالقلب وليس بالنظر فقط .فعندما تصلي دون خشوع وطمأنينة فأنت ملتفت عن الله بقلبك حاضر بجسدك فقط .وتذكر أن الأمر الذي يجعلك تسرع في صلاتك هو بيد من تقف أمامه .
- الجلوس في الصلاة مع القدرة على القيام، فهناك من يصلي الصلاة من أولها لآخرها وهو جالس لمرض أو غيره، وهذا الأمر له ضوابط شرعية: فمن استطاع القيام حتى ولو كان عاجز عن الركوع والسجود لا يسقط عنه القيام، فيجب عليه القيام ثم يومئ للركوع ويجلس ويسجد إيماء، لأن القيام ركن من أركان الصلاة، فلا يجوز لأحدٍ أن يصلي قاعداً وهو يستطيع الوقوف. للتذكير أخوتي أخواتي عندما نقول كلمة ركن معناه إن تركته عمداً أو سهواً بطلت الصلاة.
- ترك رفع اليدين في مواضع الرفع: عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، وعند الرفع من التشهد الأول حذو المنكب أو الأذن. ومنهم من يرفع اليدين بعد الركوع مثل هيئة الدعاء والصواب أن ترفع حذو المنكب أو الأذن.
- عدم السجود على الأعضاء السبعة، وعدم تمكين الجبهة والأنف في السجود. وكثرة العبث والحركة داخل الصلاة.
- ومن البدع المحدثة في الصلاة: الجهر بالنية عند تكبيرة الإحرام، فالنية من أعمال القلوب، والجهر بها خلاف السنة، وهو يؤدي إلى الوسوسة، وكثيرون يتعذبون بذلك.قال ابن القيم رحمه الله: “كان النبي ﷺ إذا قام إلى الصلاة قال: الله أكبر، ولم يقل شيئاً قبلها، ولا تلفظ بالنية، ولا قال: أصلي صلاة كذا، ولا قال: مستقبل القبلة، ولا قال: أربع ركعات، ولا إماماً، ولا مأموماً، ولا قال: أداءً ولا قضاءً، ولا فرض الوقت، وهذه عشر بدع، لم ينقل عنه ﷺ قط بإسناد صحيح، ولا ضعيف، ولا مسند ولا مرسل لفظة واحدة منها. بل ولا من أصحابه، ولا استحسنه أحد من التابعين”. فالنية محلها القلب، والله يعلم ماذا تقول يا أيها المسلم، فلا تأت ببدع.
- عدم تحريك اللسان في التكبير وقراءة القرآن، وسائر أذكار الصلاة، ويكتفي هؤلاء بتمريرها على القلب، واستعراضها استعراضاً في الذهن، وهذه ليست بقراءة، فإن القراءة في لغة العرب تتضمن تحريك اللسان وجريان النفس، وهذا لا يعني أن تجهر في الصلاة جهراً يؤذي من حولك، كلا، ولا أن تجهر في الصلاة السرية، كلا، لكن أن تزم شفتيك وتطبق عليهما لا تحرك لساناً ولا شفتين، أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ سورة البلد 8-9 ليقرأ بهما في الصلاة ويعبد بهما ربه.
- النظر إلى السماء عند الرفع من الركوع , وهذا مايقوم به أغلب الناس ظناً منهم أن هذا من الخشوع وهو خلاف ذلك بل وقد نهى النبي عنه نهياً شديداً قال ﷺ: لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء أو لا ترجع إليهم، وفي لفظ: أو لتخطفن، فالمقصود أنه لا يجوز رفع البصر إلى السماء في حال الصلاة، والسنة طرحه إلى الأرض إلى محل السجود، هذا هو السنة، لا ترفعه إلى السماء.
- نلاحظ بعض النساء تصلي بلباس ضيق يصف تفاصيل جسدها وهذا لايجوز . وكذلك الرجل يصلي وليس على عاتقه (كتفيه ) شيئ أيضاً لايجوز . فعلى المسلم ستر عورته في الصلاة بإجماع المسلمين، ولا يجوز له أن يصلي عريانا سواء كان رجلا أو امرأة.
والمرأة أشد عورة وأكثر. وعورة الرجل: ما بين السرة والركبة، مع ستر العاتقين أو أحدهما إذا قدر على ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لجابر رضي الله عنه: « إن كان الثوب واسعا فالتحف به وإن كان ضيقا فاتزر به »(صحيح البخاري) الصلاة (361) .وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: « لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء »(صحيح البخاري). - لاتشمر ثيابك وأنت تصلي ويلحظ هذا عن الرجال ففي الحديث الذي روي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ عَلَى الْجَبْهَةِ وَأَشَارَ بِيَدِهِ عَلَى أَنْفِهِ وَالْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ وَلَا نَكْفِتَ الثِّيَابَ وَالشَّعَرَ». ويقصد بكف الثياب لليدين والقدمين .
- السجود بوضعية خاطئة أو بما يسمى انبساطةالكلب أعزكم الله فعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا رفعت رأسك من السجود فلا تُقْعِ كما يُقْعي الكلب” (رواه ابن ماجه) وهي تكون ببسط اليدين الى الارض بشكل كامل . وحكمه الكراهة وليس التحريم .
وقد جمع العلماء الحركات المنهي عنها في الصلاة وذلك لتشبهها بالحيوانات كلتالي:
النَّهي عن النَّقر كنقرة الدِّيك أو الغراب، الإقعاء كإقعاء الكلب أو القرد، الالتفات كالتفات الثَّعلب، الافتراش كافتراش السَّبُع أو الكلب، البُروك كبروكِ البَعير، رفع الأيدي وقتَ السَّلام كأذناب الخيل.. فهذه ستُّ خصال نُهي المصلِّي عن التَّشبُّه بها ببعض الحيوانات، فجدِيرٌ بمَن أراد الخيرَ لنفسه، واتِّباع نبيِّه صلى الله عليه وسلم في صلاته وسائر تصرُّفاته أن يجتهِدَ في تعلُّم سنَّته ومعرفة حديثه، وأن يعرف قدر هذه الصَّلاة ويُعظِّمها بالحرص على إتمامها والإتيان بها كما صلاَّها أفضل الخلق عليه الصَّلاة والسَّلام.
لاننسى إخوتي وأخواتي أن الصلاة عمود الدين، قال الله لنا: (وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ ) سورة البقرة43، وإقامتها أداؤها كما أمر الله، وكما علمنا إياها رسول الله ﷺ، وكان من أواخر كلماته ﷺ: الصلاة الصلاة ، يوصي أمته ويحرصهم عليها، وقال ﷺ: إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله الصلاة، فإن صلحت فقد أفلح ونجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر ، وفي رواية: فإن صلحت صلح سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله هذه الصلاة هي الهدية التي يتقرب بها إلى الملك، إلى ملك الملوك.
وقال إمام أحمد رحمه الله: “إن حظهم من الإسلام على قدر حظهم من الصلاة، ورغبتهم في الإسلام على قدر رغبتهم من الصلاة”.
وتذكر : إن العبد إذا قام يصلي أتي بذنوبه كلها فوضعت على رأسه وعاتقيه، فكلما ركع أو سجد تساقطت عنه، فأطل السجود والركوع يا عبد لله أو قصر، فإن محو الذنوب على قدر إطالة الركوع والسجود.
عباد الله :
أخطاء المصلين كثيرة لا يمكن حصرها هنا، فهناك كتبٌ كثيرة وأشرطة يا حبذا لو يشتريها كل واحد منا ويعلِّم نفسه وأولاده صفة صلاة النبي، ويجتنب الأخطاء التي وقع فيها كثير من الناس جهلاً ومخالفة، عسى أن يكون من المفلحين الخاشعين الذين يتقبل الله عنهم أحسن ما عملوا ويتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون. جعلنا الله وإياكم منهم .