تكلمنا في مقالنا السابق عن صلاة الإستخارة وكيفيتها وتفاصيل كثيرة عنها, سنذكر اليوم بها ونتابع حديثنا عن تفاصيل دعاء الاستخارة الذي هو تتمة لصلاة الإستخارة. وتفاصيل كثيرة حول دعاء الإستخارة بنصه الصريح كما ورد عن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وأهميته وأفضل أوقاته وهل يجوز الدعاء دون الصلاة؟ هذا ماسنتطرق إليه في مقالنا هذا فتابعوا معنا.
المحتوى
صلاة الاستخارة
هي طلب الخيرة، ومعناها: أن يطلب المسلم في دعاء صلاة الإستخارة من ربه سبحانه وتعالى أن يختار له ما فيه الخير له في دينه ودنياه، وهي سنة لمن أراد الإقدام على أي أمر.
صلاة الإستخارة وحكمها:
صلاة الاستخارة حكمها سنة؛ لما أخرجه البُخَارِيُّ عَن جَابِر- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا الاِسْتِخَارَةَ فِي الأُمورِ كُلِّهَا، وحكمة مشروعيتها، تسليم العبد، الأمر، لله- تعالى-، واللجوء إليه- سبحانه- للجمع بين خيري الدنيا والآخرة.
سببها: تكون الاستخارة في الأمور التي لا يعلم العبد الصواب فيها فيستخير الله سبحانه وتعالى؛ لييسرها له كالزواج أو السفر أو العمل.
نص دعاء الاستخارة
يجب عليك عزيزي القارئ أن تكون مؤمنًا ومتيقنًا بالإجابة وذلك من أهم الأشياء التي يجب أن تكون عند المستخير، فالإيمان بالله والتيقن بالإجابة من مفاتيح الفرج و السعادة، ويجب عليك أيضا أن تكون صافي الفكر والنية، فصفاء النية واجبا عند صلاة الاستخارة.
ومما لا شك فيه أنك تعلم أخي المسلم أن الأعمال بالنيات، فلا يجب أن تكون صلاة الاستخارة التي تؤديها بها نية شر أو ما إلى ذلك من أعمال لا تصلح، وبالتالي يجب عليك أن تكون نيتك صافية.
أن تستحضر النية وتؤدي الوضوء بالشكل الصحيح التام، تصلي ركعتين من غير الفريضة، ويفضل في الركعة الأولى قراءة (قل يا أيها الكافرون)، وفي الركعة الثانية قراءة (قل هو الله أحد).
قراءة دعاء الاستخارة وهو «اللهُمَّ إنِّي أسْتَخيرُكَ بعِلْمِكَ، وأسْتَقْدِرُكَ بقُدْرَتِكَ، وأسْألُكَ مِنْ فضلِكَ العَظِيم، فإنَّكَ تَقْدِرُ ولا أقْدِرُ، وتَعْلَمُ ولا أعْلَمُ، وأنْتَ عَلاَّمُ الغُيوبِ، اللهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أن هذَا الأمرَ – ويُسمِّي حَاجَتَه – خَيرٌ لي في دِيني ومَعَاشي وعَاقِبَةِ أمْري – أو قالَ: عَاجِلهِ وآجِلِهِ – فاقْدُرْهُ لي ويَسِّرْهُ لي، ثمَّ بَارِكْ لي فيهِ، وإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ شَرٌّ لي في دِينِي ومَعَاشي وعَاقِبَةِ أمري – أوْ قالَ: عَاجِلِهِ وآجِلِهِ – فَاصْرِفْهُ عَنِّي، وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، واقْدُرْ لِيَ الـخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّأرْضِنِي بِهِ».
أمور يجب مراعاتها في الإستخارة
- على المستخير بعد ذلك ألا يتعجل نتيجة صلاة الاستخارة.
- ولا يُشترط أن يرى المُستخير رؤيا تدل على الخير أو الشر في الأمر المُستخار من أجله، وإنما قد يظهر أثر الاستخارة في صورة رؤيا، أو سرور واطمئنان قلبي، ويفضل تكرارها حتى يحصل اطمئنان القلب، وعليه أن يفوض الأمر لله تعالى ويعلم أنه إن كان خيرًا فسوف ييسره الله تعالى له، وإن كان شرًا فسيصرفه الله عنه، وعليه أن يرضى بما يختاره الله تعالى له.
- وعلى المسلم ألا يكتفي بأداء صلاة الاستخارة مرة واحدة ولكن يجب عليه تكرارها عدة مرات، كما فعل عمر بن الخطاب –رضى الله عنه- عندما أراد أن يكتب الحديث «ظل يستخير الله تعالى شهرًا كاملًا».
علامات قبول الإستخارة
تيسير الأمور أبرز علامات أو نتائج صلاة الاستخارة، فإذا رأى صاحب الأمر أو المستخير هناك سهولة ويسر في حدوث الأمر الذي استخار الله من أجله فهذه من علامات القبول.
إذا كان الشخص يشتري منزلا وقرر استخارة الله عز وجل قبل الشراء فإذا وجد سهولة ويسر بينه وبين البائع وتنازلات وعدم اعتراض بينه وبين البائع فهذه من علامات التيسير، وأن الله مقدر لك هذا، أما إذا وجد صعوبة وتصلب في المفاوضات فهذا من علامات عدم القبول وهو من نتائج الاستخارة.
دعاء الاستخارة بدون صلاة.. هل يجوز
قال الإمام النووي رحمه الله في كتاب الأذكار: “ولو تعذرت عليه الصلاة استخار بالدعاء”، أي بالدعاء فقط دون صلاة.
فإذا تعذر على المسلم أداء صلاة الاستخارة، رجلا كان أو امرأة لأي سبب من الأسباب فلا حرج عليه من دعاء الله تعالى أن ييسر له خير الأمرين وأن يصرف عنه شرهما من غير صلاة، وقد نقل جماعة من علماء المذاهب الأربعة كلام النووي السابق وأقروه.
حيث أن الدعاء في حد ذاته عبادة، والله سبحانه وتعالى يقول: “ادعوني أستجب لكم“، والاستخارة كما هو معلوم هي دعاء وتوجه إلى الله وطلب للمشورة، فلا بأس بدعاء الله فقط دون صلاة، إذ أن الدعاء مشروع في كل وقت وعلى أي حال، لذا أجاز العلماء القائلون بحصول الاستخارة بالدعاء فقط دون صلاة، الدعاء والطلب من الله في أي وقت من الأوقات، وفي أي مكان، وعلى أي هيئة.
وقد اختلف الصحابة رضي الله عنهم حين وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم في اللحد والشق، وتكلموا في ذلك وارتفعت أصواتهم، فقال أنس بن مالك رضي الله عنه: “وكان بالمدينة رجل يلحد وآخر يضرح”، فقالوا: “نستخير ربنا ونبعث إليهما فأيهما سبق تركناه”، فأرسل إليهما فسبق صاحب اللحد، فلحدوا للنبي صلى الله عليه وسلم.
ويفهم من هذا الأثر وغيره أن دعاء الاستخارة يجوز دون صلاة حال الانشغال أو وجود عذر شرعي طارئ أو غير ذلك، كما فعل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أهم فوائد دعاء الاستخارة
- الراحة النفسية
يسبب الاطمئنان والراحة النفسية لأن الله يختار للإنسان الخير في أموره ويوفقه للاختيار الأمثل والمريح له وهي تجعل الإنسان راضيا بما كتبه الله وقدره له فلا يعترض ولا ييأس من رحمة الله فالخير فيما اختاره الله. - تقوية العلاقة بين العبد وربه
يقوي العلاقة بين العبد وربه فكلما لجأ المسلم إلى الاستخارة في أمور حياته كلما اطمئن أكثر وكلما وفقت اختياراته وبالتالي زادت ثقته وإيمانه بالله. - البعد عن الشعوذة
القضاء على السحر والشعوذة وما إلى ذلك من أمور سيئة وغير محبوبة يلجأ إليها المسلم حين يصيبه أمرا أو موقفا لا يعرف كيف يتصرف فيه فنرى العديد من الناس يلجأون إلى المشعوذين بادعاء أنهم يعلمون الغيب وما إلى ذلك من أمور يصدقها البعض من المسلمين للأسف بسبب جهل البعض وضعف إيمانهم بالله فالغيب لا يعلمه إلا الله وكل شيء مقدورا بأمره. - التعود على الصلاة والدعاء
تعود الإنسان على الصلاة فالاستخارة ليست مجرد دعاء يقال وينتظر بعدها العبد النتيجة من الله ولكنها صلاة يتم تأديتها على أكمل وجه وبالتالي كثرة أداء صلاة الاستخارة تجعل الإنسان يتعود على الصلاة وبالتالي يتقرب إلى الله أكثر. - التعود على التبرك
زيادة الخير والبركة في حياة الإنسان، فالعبد المسلم يلجأ إلى الله من خلال دعاء الاستخارة ليوفقه في حياته ويختار له خير الأمور فكل واحد منا قد يمر بظروف لا يعرف كيف يتصرف فيها أو أمور هامة في حياته كالزواج والعمل.
ففي بعض الأحيان نحتار في الاختيار ما بين وظيفتين يتشابهان بنسبة كبيرة في المميزات والمواصفات الجيدة التي نبحث عنها جميعا، كالمرتب وقرب مكان العمل وبعض الأشياء الأخرى التي تسهل علي الإنسان وظيفته وحياته، أو الاختيار بين زوجين أو زوجتين يتميز كل منهما بصفات معينة تصعب عليك المقارنة أو الاختيار فتلجأ إلى الله من خلال دعاء الاستخارة وأنت متيقن بالإجابة فيجيبك.
أوقات دعاء الاستخارة للسفر أو للدراسة أو لغيرهما
ومن المتعارف عليه أن صلاة الاستخارة هي المنفذ الأمثل والحل الأمثل للجوء إلى الله عندما يقف أمام الإنسان أي عائق في حياته أو يحتار بين اختيارين أو أكثر فصلاة الاستخارة تقضي على الحيرة تماما وتجعل الإنسان المسلم يختار الاختيار الأمثل له بارتياح وبدون أي شك أو حيرة، ولم الشك وكلنا نعلم أن “الخير فيما اختاره الله”، وهي فضل من الله علينا حيث أنها تساعد المسلم في حياته وتُيسر له أمور دينه وحياته كلها.
والاستخارة كلفظ هي “طلب الدليل والخير في أمر من الأمور” فهي صلة روحانية بين العبد وربه تعينه علي أمور دنياه، ومن المتعارف عليه أن صلاة الاستخارة تتم بأن يصلي المسلم ركعتين ويسلم من غير الفريضة ثم يحمد الله ويصلي على النبي (صلى الله عليه وسلم) ويقول دعاء صلاة الاستخارة.
تقام صلاة الاستخارة في أي وقت، ولكن يفضل أن تتم في الأوقات التي يكون الإنسان فيها أقرب إلى الله مثل الثلث الأخير من الليل (قبل الفجر بساعتين وحتى آذان الفجر). ويجب عليك عزيزي القارئ ألا تصلي في الأوقات المنهية فيها مثل (ما بعد أذان الفجر حتى ظهور الشمس وطلوعها “الشروق”) و(ما بعد أذان العصر حتى انقضاء الشمس واختفائها “الغروب”).
هل يجوز أن أصلي صلاة الاستخارة في وقت النهي عن الصلاة
سبق في جواب السؤال بيان الأوقات التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فيها ، وأن المراد بذلك النهي : صلاة النفل المطلق التي لا سبب لها ، وأما النافلة التي لها سبب كتحية المسجد فإنها تصلى في وقت النهي .
وقد اختلف العلماء في صلاة الاستخارة هل تعتبر من ذوات الأسباب أم لا ؟
والصواب في هذا : أن الاستخارة إذا كانت لأمر يفوت بحيث لا يمكن من تأجيل الصلاة فإنها تصلى في وقت النهي ، كما لو عرض له السفر بعد صلاة العصر ، وأما إن كانت لأمر لا يفوت بحيث يمكن تأجيل الصلاة إلى ما بعد انتهاء وقت النهي فإنها لا تصلى في وقت النهي .
قدمنا لكم كل مايخص دعاء الإستخارة نرجوا أن نكون قد قدمنا لكم كل الإفادة فيه , تابعونا في مقالنا القادم عن الأخطاء الشائعة المتداولة حول صلاة الإستخارة.