أنا آسف , اعتذر , حقك علي ’ ارجو أن تسامحني . جمل كثيرة ننطق بها عندما نسيئ لأحد ما في القول أو الفعل , بقصد او من دون قصد معبرين بها عن ندمنا عن تلك الإساءة ونلتمس العفو والمسامحة ممن أخطئنا بحقه , هذا مانسميه الاعتذار فطبيعتنا نحن البشر نخطئ ونصيب ولا أحد فينا معصوم عن الخطأ .هذه حقيقة لانختلف عليها , لكن الناس عندما تخطئ تنقسم لقسمين : الاول متكبر ويرى نفسه اكبر من الآخرين وأكبر من ان يخطئ , وان اعترف بقرارة نفسه بذلك فلايتنازل عن إعلانه ولايعترف بخطئه ولايعتذر , أما الثاني المتواضع صاحب النفس الراقية فيعترف بالاعتذار بكل رحابة صدر فيعتذر عندما يخطئ ويطلب السماح لأنه يعلم أن ذلك لن يقلل من قيمته بل العكس تماما ان دل على شيئ فهو يدل على فكر راق ونفس طيبة متواضعة قوية وواثقة .
لكن للأسف الاعتذار ظاهرة تقل في مجتمعاتنا، بسبب الفكر السلبي الذي يسيطر على معظم الأشخاص في المجتمعات العربية، لأنهم يظنون أن الإعتذار يدل على ضعف وقلة ثقة الشخص من نفسه.
والعكس صحيح فالاعتذار: يعني أن صاحبه إنسان قوي لديه فكر وثقافة راقية واتزان في التفكير ولا يقلل الاعتذار أبداً من شأنه .بل يزيده ثقة وقرباً من الآخرين
المحتوى
قدرات الناس بمعرفة فن الاعتذار في المجتمعات العربية
قدرة الإنسان على الإعتذار هي أحد أنواع الفنون البشرية التي يتمتع بها الكثيرون، فهي ثقافة وفكر راشد.
إذا كنت تفكر أن الإعتذار يقلل من شأنك: فأنت مخطئ 100%، لأن هذا فن من فنون الثقافة الراقية يدل على إكتمال ومثالية وفكر الشخص، لذلك إذا أخطأت في حق شخص يجب أن تبدأ بالاعتذار لمن أخطأت إليه .
أنواع الاعتذار
- الاعتذار السريع: هو أن تراجع نفسك بنفس الثانية التي أخطأت فيه فتعتذر على الفور.
- الإعتذار بعد تأنيب الضمير: فهذا الإعتذار يأتي بعد تفكير عميق وتأنيب ضمير وقد يقدم إعتذاراً رسمياً أو يدير موقف غير مباشر ليعبر به عن خطأ وإعتذاره.
- الاعتذار الغير مباشر : قد يفعله الشخص الذي يتسم بكبرياء عال جداً فيحاول الاعتذار بالتظاهر كأن شيئاً لم يكن و أو بإحضار هدية ما تعبيراً عن ندمه .
- اعتذار شكلي: أو سطحي وغالباً ما يكون رفعاً للعتب، لكنه بالعموم غير صادق.
- اعتذار مجادلة: هو اعتذار يصاحبه جدال لا يعترف بالخطأ، ويسعى لتبريره، وربما يكون اعترافا جزئياً بالخطأ أو رفعاً للعتب.
- اعتذار صريح: هو الاعتذار الواضح الذي لا لبس فيه، والناتج عن قناعة المعتذر بخطئه وسعيه لإصلاحه، ويركز على كسب ود الأخر.
- اعتذار عام: اعتذار يسعى لكسب شعبية وهو الذي تقدمه شخصيات اعتبارية كالزعماء والمسؤولين، أو مؤسسات على صلة بالدولة والمجتمع.
- المتكبر :وهذا النوع يتواجد كثيراً في المجتمعات العربية يدرك الشخص أنه مخطئ ولكن يكابر ويمتنع عن الإعتذار أو يطلب من الناس أن تتقبله كما هو دون أن يصلح من سلوكه .
لماذا نعتذر
لأن الاعتذار صفة من صفات الإنسان المثالي الذي يتسم بالفكر الراقي والتحضر والرشد ويساعد على نشر المودة والرحمة والتسامح بين الناس ويمحوا الكره والحقد والصراعات بين البشر.
لاننسى : قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم :كل بني آدم خطاء, وخير الخطّائين التوابون”. (الترمذي وابن ماجه والحاكم وصححه). فلا عيب في أن يخطئ الانسان بل العيب أن يستمر في خطأه .
الاعتراف بالخطأ فضيلة، والاعتذار عنه فضيلة أخرى، كلاهما فضيلتان تعززان الحفاظ على روابط الألفة والمحبة بين البشر، وهما في نفس الوقت وسائل تمنعنا من فقدان من نحب. الاعتذار بلسم يشفي الكثير من الجروح، ويمنع تطور الخصومة إلى جفاء فعداوة.
ولنعلم : الاعتذار الصحيح له شروط لابد من توفرها، وأهمها:
- سرعة المبادرة بالاعتذار.
- عدم محاولة تبرير الخطأ.
- الصدق في الاعتذار.
- عدم التعالي أو التلاعب بالكلمات.
- اختيار الوقت والطريقة المناسبتين فليست كل الأخطاء واحدة.
في النهاية:
- الاعتذار فن إنساني لا يتقنه جميع البشر، رغم أنه لا يتطلب علماً أو ثقافةً كبيرين، بل شيء من أدب وتواضع، وقدرة على كبح جماح النفس الأمارة بالسوء، من هنا فإن أجمل أشكال الاعتذار، هو اعتذار القوي للضعيف، والكبير للصغير، والوالد للولد.
- مثلما أن الاعتذار واجب، فإن قبول الاعتذار والصفح أوجب، لأنه خلق الكرماء والنبلاء، وقبول اعتذار المعتذر لا يعني قبولاً بالأمر الواقع أو ابتلاعاً للإهانة، بل تسامح وإنصاف وحفظ للود وروابط الأخوة والصداقة. في حالة الوالدين فإن قبول اعتذار الأبناء هو مساعدة لهم على البر بهما.
- ثقافة الاعتذار ممارسة تحتاجها مجتمعاتنا كثيراً، وينبغي زرعها في نفوس الأطفال، وبحيث تصبح جزءاً من ثقافتهم فتنعكس إيجابياً على مجمل علاقاتهم الاجتماعية لاحقاً، وعندها فقط سيستطيعون ممارسة الاعتذار بلا تردد ودون شعور بضعف أو خجل، فإن الدين المعاملة.