بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله , أما بعد
فقد أمر الله -عز وجل- بالسياحة في الأرض، والنظر والاعتبار في آلائه ودقة صنعه وتَدَبُّرِ آثار الأمم السابقة. فقال تعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ} (20) سورة العنكبوت. وقال -جل وعلا-: {قُلْ سِيرُواْ فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} (11) سورة الأنعام. وقال سبحانه وتعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} (15) سورة الملك.
وتتعدد أسباب سفر المسلم؛ فهو يسافر للحج والعمرة، أو لطلب العلم، أو للسعي وراء الرزق، أو لزيارة قريب أو صديق، وغير ذلك.
المحتوى
ومن آداب المسلم التي ينبغي له أن يتحلى بها في السفر ما يلي
قبل أن نبدأ بالاداب أردت التذكير بضرورة اتباع السنة النبوية الشريفة في كل أمور حياتنا , ولاسيما في موضوعنا هذا ,وذلك أن الكثير من الناس لاتلتزم باداب الطريق او التعامل اللائق مع الناس الغرباء في طريق السفر, فكم تعرضنا لمواقف اساءة في طرقات السفر من اهمال الأهل لاطفالهم وصراخهم في الباصات ووسائل السفر, رمي النفايات والأوساخ في وسيلة النقل, تعالي الأصوات , وغيرها الكثير من التصرفات المشينة بحق الاخرين والممتلكات العامة في طرقات السفر.لأجل ذلك كله سنضع بين ايديكم اليوم اداب السفر في الاسلام, راجين من الله أن يلتزم المسلمون بها لنكون أمة يفتخر بها الحبيب المصطفى بين الأمم.
أولاً: النية الصالحة
فالمسلم يجعل من سفره قربة إلى الله باستحضار النية الصالحة؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ, وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى, فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ, فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ, وَمَنْ هَاجَرَ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ).
ثانياً: أن يكون السفر لما يحبه الله ويرضاه
قال -صلى الله عليه وسلم-: (مَا مِنْ خَارِجٍ يَخْرُجُ -يَعْنِي مِنْ بَيْتِهِ- إِلَّا بِيَدِهِ رَايَتَانِ, رَايَةٌ بِيَدِ مَلَكٍ وَرَايَةٌ بِيَدِ شَيْطَانٍ, فَإِنْ خَرَجَ لِمَا يُحِبُّ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- اتَّبَعَهُ الْمَلَكُ بِرَايَتِهِ فَلَمْ يَزَلْ تَحْتَ رَايَةِ الْمَلَكِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى بَيْتِهِ, وَإِنْ خَرَجَ لِمَا يُسْخِطُ اللَّهَ اتَّبَعَهُ الشَّيْطَانُ بِرَايَتِهِ فَلَمْ يَزَلْ تَحْتَ رَايَةِ الشَّيْطَانِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى بَيْتِهِ).
ثالثاً: الاستشارة والاستخارة قبل الخروج للسفر
فالمسلم يشاور إخوانه فيما ينوي عمله من أمور؛ قال تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمَْ} (38) سورة الشورى. كما أنه يستخير ربه، ويعمل بما ترتاح إليه نفسه بعدها؛ روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ اسْتِخَارَتُهُ اللَّهَ, وَمِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ رِضَاهُ بِمَا قَضَاهُ اللَّهُ, وَمِنْ شِقْوَةِ ابْنِ آدَمَ تَرْكُهُ اسْتِخَارَةَ اللَّهِ, وَمِنْ شِقْوَةِ ابْنِ آدَمَ سَخَطُهُ بِمَا قَضَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ).
رابعاً: قـضاء الديون ورد الودائع
فالمسلم يؤدي ما عليه من ديون وودائع وغيرها من الأمانات قبل سفره، فإن لم يقدر على سداد الدَّين، فليستأذن المدين في الخروج، فإن أذن له خرج وإلا قعد, وهذا هدي النبي –عليه الصلاة والسلام- فعندما هاجر إلى المدينة ترك علي بن أبي طالب –رضي الله عنه- في مكة؛ حتى يؤدي الودائع إلى أهلها, فينبغي الاقتداء بهديه –صلى الله عليه وسلم- فالله يقول: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} (21) سورة الأحزاب.
ثم إن الإنسان لعله يدركه الموت قبل أن يعود إلى أصحاب الحقوق ثم تضيع حقوقهم بسبب غيره, فبقضائها قبل سفره أو الاستئذان إن كان عليه دين لم يستطع سداده, وأعلم أهله به رُدَّت الحقوق ومات نقياً غير متحمل لأثقال الناس.
خامساً: وصية الأهل
وهي سنة نبوية فعلها الحبيب المصطفى وقال فيها :قال -صلى الله عليه وسلم-: (مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ).
سادساً: اخـتيار رفيق السفر
فالمسلم يختار رفيقه في السفر من أهل الدين والتقوى؛ ليعينه على الطاعة، قال -صلى الله عليه وسلم-: (الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ). وقال -صلى الله عليه وسلم-: (لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي الْوَحْدَةِ مَا أَعْلَمُ, مَا سَارَ رَاكِبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ)6. وقال -صلى الله عليه وسلم-: (الرَّاكِبُ شَيْطَانٌ وَالرَّاكِبَانِ شَيْطَانَانِ وَالثَّلَاثَةُ رَكْبٌ).
وسبب الحديث كما في المستدرك وسنن البيهقي: أن رجلاً قدم من سفر، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من صحبت)؟ فقال: ما صحبت أحداً، فذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الحديث. وقد قيل في الأمثال: اختر الرفيق قبل الطريق.
سابعاً: إعداد الزاد
حيث يحرص المسلم على إعداد الزاد والنفقة التي توصله إلى غايته.
ثامناً: يفضل السفر يوم الخميس
فقلَّ ما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخرج إذا خرج في سفر إلا يوم الخميس”.
تاسعاً: السفر أول النهار:
فقد دعا الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالبركة لمن يبكرون في أعمالهم، فقال: (اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا), وكان إذا بعث سرية –عليه الصلاة والسلام أو جيشا بعثهم من أول النهار, وكان صخر –راوي هذا الحديث-رجلاً تاجراً وكان يبعث تجارته أول النهار فأثرى وكثر ماله.
عاشراً: من آداب السفر الصلاة قبله
فالمسلم يحرص على صلاة ركعتين قبل سفره؛ إذ ورد في الأثر أنه ما خلف عبد على أهله أفضل من ركعتين يركعهما عندهم حين يريد سفر.والحقيقة انها سنة نبوية مهجورة بل قل من يعرفها, ولعل ذكرنا لها في هذا المكان تحييها في قلوب المسلمين وتنشرها بين عامة الناس.
الحادي عشر: من اداب السفر توديع الأهل والأصدقاء
فالمسلم يودع أهله عند سفره، ويوصيهم بخير، وقد كان ابن عمر -رضي الله عنهما- يقول للرجل إذا أراد السفر: هلم أودِّعك كما ودعني رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكَ وَأَمَانَتَكَ وَخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ).
الثاني عشر: دعاء الأهل والأصدقاء للمسافر
فالمسلم يتمنى للمسافر التوفيق والسلامة، فقد جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, إِنِّي أُرِيدُ سَفَرًا فَزَوِّدْنِي, قَالَ: (زَوَّدَكَ اللَّهُ التَّقْوَى) قَالَ: زِدْنِي, قَالَ: (وَغَفَرَ ذَنْبَكَ) قَالَ: زِدْنِي بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي, قَالَ: (وَيَسَّرَ لَكَ الْخَيْرَ حَيْثُمَا كُنْتَ). وفي المقابل ينبغي طلب الدعاء من المسافر؛ لأنه في موطن من مواطن إجابة الدعاء.
الثالث عشر: الدعاء عند الرحيل
ويقول عند الخروج من البيت: بسم الله، توكلتُ على الله, ولا حول ولا قوة إلا بالله, ثم يدعو بدعاء النبي –صلى الله عليه وسلم- (اللَّهُمَّ إني أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَضِلَّ أَوْ أُضَلَّ أَوْ أَزِلَّ أَوْ أُزَلَّ أَوْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ أَوْ أَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ).
الرابع عشر: اتخاذ المسافرين قائدًا لهم من بينهم
حيث يشرع للجماعة المسافرة أن تختار واحداً منهم ليكون قائداً لهم, قال -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا كَانَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ).
الخامس عشر: الدعاء عند ركوب وسيلة السفر
فقد كان رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِِذَا اسْتَوَى عَلَى بَعِيرِهِ خَارِجًا إِلَى سَفَرٍ كَبَّرَ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ: ({سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ* وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ} (13-14) سورة الزخرف. اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى, وَمِنْ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى, اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ, اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ, اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ وَكَآبَةِ الْمَنْظَرِ وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ فِي الْمَالِ وَالْأَهْلِ) وَإِذَا رَجَعَ قَالَهُنَّ وَزَادَ فِيهِنَّ: (آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ)16.
السادس عشر: مراعاة مشاعر الضعاف من المسافرين
وخاصة إذا كان السفر على الأقدام فلا بد من مراعاة الضعيف وعدم التقدم عليه؛ حتى لا يشعر بالعجز, وقد قيل: الضعيف أمير الركب.
السابع عشر: حسن التعامل مع وسيلة السفر
فإذا كان السفر على دابة، فيجب عدم إرهاقها أو ضربها لتسرع في السير، فإن ذلك منافٍ للرحمة والرفق بالحيوان، كما أن العجلة من الشيطان، وكما قيل: “إن المنبتَّ لا أرضًا قطع، ولا ظهرًا أبقى”. “أي: إن المنقطع عن الرفقة لا يقطع المسافة، ويهلك دابته التي أرهقها”.ولابد من الإشارة هنا أن وسيلة النقل في زماننا هي البولمان أو الطائرة أو السيارات فيجب الالتزام بادابها من النظافة والحفاظ على الوسائل العامة وعدم ازعاج المسافرين وغيرها.
الثامن عشر: مراعاة آداب الجلوس أثناء الركوب
فالمسلم يلتزم عند ركوب المواصلات بمجموعة من الآداب، منها
- عدم فتح النافذة أو الباب إلا بعد استئذان المجاورين له.
- إذا تناول أحد المسافرين غذاءً أثناء السفر، دعا إليه المجاورين.
- عدم رفع الصوت بحديث خاص.
- ينبغي على الشاب أن يجعل خير الأمكنة للشيخ الكبير والمرضى والنساء.
- يراعي آداب الذوق العام، فلا يدخن ولا يبصق ولا يرمي بفضلات طعامه؛ حفاظًا على مشاعر من معه، وحفاظًا على نظافة المركبات.
- الإكثار من الدعاء والذِّكر: فالمسلم يكثر من الدعاء في سفره لنفسه ولإخوانه؛ لأن المسافر مستجاب الدعوة، ويكثر من الذكر, وإذا نزل واديًا قال: (سبحان الله) وإذا صعد مكانًا مرتفعًا قال: (الله أكبر), وإذا نزل منزلاً دعا الله بقوله: (أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ), وإذا أتى عليه وقت السحر أثناء السفر قال كما كان –صلى الله عليه وسلم- يقول إِذا كانَ فِي سَفر وَأَسْحر: (سَمِعَ سَامِعٌ بِحَمْدِ اللَّهِ وَحُسْنِ بَلَائِهِ عَلَيْنَا رَبَّنَا صَاحِبْنَا وَأَفْضِلْ عَلَيْنَا، عَائِذًا بِاللَّهِ مِنْ النَّارِ).وقليل من الناس من يذكر الله في سفره في هذه الايام خاصة مع تقدم وسائل الاتصال تجد المسافر يقضي وقته بين سماع الأغاني والأفلام وغيرها من المحرمات في وسائل التواصل الاجتماعي. هدانا الله جميعاً لما يحبه ويرضاه.
التاسع عشر: من آداب السفر التفكر والاعتبار
فالمسلم يتفكر فيما يشاهده في سفره، ويتدبر في خلق الله؛ وذلك مما يزيد الإيمان.
العشرون: مراعاة عادات أهل البلد
فإذا وصل المسافر إلى بلد ما، فعليه أن يراعي عادات أهلها وتقاليدهم؛ فلا يفعل ما يخالفها، ما دامت لا تخالف الشرع.
الحادي والعشرون: استعمال الرخصة أثناء السفر
حيث شرعت الرخصة للتيسير على الناس، وللمسافر أن يأخذ بها لما في السفر من مشقة، ومنها قصر الصلاة الرباعية: فيصليها ركعتين، ومنها الجمع بين الظهر والعصر (تقديمًا أو تأخيرًا) وكذلك بين المغرب والعشاء.
ومن الرخص أداء النوافل كسنة الفجر وصلاة الوتر على الراحلة اقتداء برسول الله –صلى الله عليه وسلم- فعَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ أَسِيرُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ –رضي الله عنهما- بِطَرِيقِ مَكَّةَ, فَقَالَ سَعِيدٌ: فَلَمَّا خَشِيتُ الصُّبْحَ نَزَلْتُ فَأَوْتَرْتُ ثُمَّ لَحِقْتُهُ, فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: أَيْنَ كُنْتَ؟ فَقُلْتُ: خَشِيتُ الصُّبْحَ فَنَزَلْتُ فَأَوْتَرْتُ, فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَلَيْسَ لَكَ فِي رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ؟! فَقُلْتُ: بَلَى وَاللَّهِ, قَالَ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُوتِرُ عَلَى الْبَعِيرِ”.
ويباح للمسافر الفطر في رمضان ويجب عليه القضاء؛ قال تعالى: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (184) سورة البقرة. ويباح له أيضاً ترك صلاة الجمعة ويصلِّيها ظهرًا، فلا جُمْعَة على المسافر.
الثاني والعشرون: الإسراع في العودة إلى أهله
فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنْ الْعَذَابِ؛ يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَنَوْمَهُ, فَإِذَا قَضَى نَهْمَتَهُ فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ).
وعلى المسلم ألا ينسى عدة أشياء عند عودته من السفر، منها
1- حمل بعض الهدايا عند العودة على قدر إمكاناته.
2- دعاء العودة وهو نفسه دعاء السفر، وقد سبق ذكره بتمامه.
3- الدعاء عند الاقتراب من بلده، فيقول: اللهم اجعل لنا به قرارًا ورزقًا حسنًا.
4- إرسال القادم من السفر إلى أهله من يخبرهم بمقدمه حتى يستعدوا للقائه؛ فلا يرى منهم ما يكره، أو يتصل بهم عن طريق الهاتف.
5- أن يبدأ بالمسجد، يصلي فيه ركعتين، فقد كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَيَرْكَعُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ.
وينبغي له استقبال من يزورونه وإكرامهم؛ فالمسلم يستقبل الذين جاءوا يهنئونه على سلامة العودة بالبشر والسرور، ويكرمهم قدر المستطاع.
من فوائد السفر
للسفر العديد من الفوائد، ومنها ما يأتي
- الترويح عن النفس، وإزالة الهموم.
- استجابة الدعاء.
- اكتساب الخبرة؛ وذلك عن طريق معرفة أخلاق الناس، والاطّلاع على خبراتهم.
- كسب الرزق.
- طلب العلم والعلوم المفيدة.
- أداء العبادات والنسك، مثل السفر لأداء فريضة الحج.
وفي السفر فوائد كثيرة جمعها الإمام الشافعي في قوله
تغرب عن الأوطان في طلب العلا
وسافر ففي الأسفار خمس فوائد
تـفـريج هـم واكـتـسـاب مـعـيشـة
وعـلـــم وآداب وصــحـبـــة مـاجـــد
هذه هي آداب الإسلام في السفر ينبغي للمسلم أن يتحلى بها ويدعو إليها؛ ليعم الخير في الأمة, ففيها اتباع لسنة المصطفى –صلى الله عليه وسلم- ونشر لها في زمن كثرت فيه البدع والخرافات والابتعاد عن هدي الإسلام الصحيح , فما أجمل أن تكون مع الله في ذكره وتعاليمه كل مكان وزمان.
نسأل الله أن يوفقنا جميعاً لما يحب ويرضى, وصلى الله وسلم على نبينا محمد, وعلى آله وصحبه أجمعين, والحمد لله رب العالمين.