الرئيسية / القسم الإسلامي / الثقافة الإسلامية / مراتب الصدق وجزاء الصادق في الدنيا والآخرة

مراتب الصدق وجزاء الصادق في الدنيا والآخرة

الصدق:قال -الله عز وجلّ- في محكم كتابه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)،نستدلُّ من هذه الآية الكريمة بأنّ تحقيقَ التقوى وطاعة الله تستوجبُ عادةً بيئةً معيّنة تساعدُ المسلم على الطّاعة، والبيئة التي تمّ ذكرُها في هذه الآية الكريمة بيئة الصادقين، وقد خصّ الله -عزّ وجلّ- لفظةَ الصّادقين بهذه الآية الكريمة دون غيرها من الألفاظ؛ لأنّ الصادق هو الذي يستطيع نفع وتقديم كلّ ما هو خيرٌ لغيره، وعندما يصاحبُ المسلمُ الصّادقين فإنّه يأخذُ من آدابِهم، وأخلاقهم، وعلمهم، وأحوالهم، وهذا كله مدعاة لنجاة المرء.

الصدق طبع فطري وخلق إنساني لا يرتبط بدين ولا بعرق ولا بنسب ولا بمال, الصدق صفة مشتركة تشترك فيها كل الأطياف كأنه نبع ماءٍ صافٍ يقبل من أتاه عطشاً ويرفض من أتاه طمعاً.

وإن الصدق من أعظم الأخلاق التي يتصف بها إنسان؛ لذا كان محل عناية القرآن؛ للدلالة على أن المجتمع المسلم يجب أن يتَّصف بهذه الصفة الرائعة صفة الصدق؛ لأنها مفتاح كل خير.

وإن تكلمنا حقيقة عن واقعنا ومجتمعنا في هذه الصفة فللأسف وجود الصدق أصبح قليل جداً في مجتمعنا, ويعود ذلك لجهلنا في أهميته وفضيلته, وبعدنا عن الدين وتطبيق شرع الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم في حياتنا اليومية, فنتج عن ذلك استهانتنا بالمعاصي واستساغة الكذب والاعتياد عليه وانعدام الرهبة والخوف من الله في قلوبنا كما قال تعالى” مالكم لاترجون لله وقارا”

ولعلنا عندما نسلط الضوء في هذا المقال عن أهمية وفضيلة الصدق وعاقبته في الدنيا والآخرة فإن ذلك سيحيي في قلوبنا حب الله واتباع سنة نبيه المصطفى والعودة والإنابة إلى الله في أمور حياتنا كلها.

المحتوى

مكانة الصدق في القرآن والسنة:

حثنا الله تعالى على فضيلة الصدق في كتابه العزيز وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم , فمن فضائل الصدق أنه:

1- الصدق من صفات الله تعالى:

قال تعالى: {قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْـمُشْرِكِينَ} [آل عمران: 95]، وقال جل شأنه: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا} [النساء: 122]، وقال جل ذكره: {اللَّهُ لا إلَهَ إلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا} [النساء: 87]، يقول إمام المفسرين ابنُ جرير الطبري في تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا}: وأيُّ ناطق أصدقُ من الله تعالى حديثاً؟ وذلك أن الكاذب إنما يكذبُ ليجتلب بكذبه إلى نفسه نفعاً أو يدفعَ به عنها ضراً، والله تعالى ذكره خالق الضرِّ والنفع، فغير جائزٍ أن يكون منه كذبٌ».

2- الصدق من صفات الرسل عليهم السلام:

هل تتخيل أنك عندما تتسم بالصدق فإنك بذلك ستكون قد اكتسبت صفة من صفات الأنبياء؟ نعم هذه حقيقة فإن 

من أعظم صفات الرسل الصدقُ، وكيف لا يتصفون بهذه الصفة وهم المبلِّغون عن الله وحيَه، والمرسَلون بشرعه إلى خَلقِه! فلزم أن يكون الصدق ملازماً لهم في الأفعال والأقوال.. وهذا ما حكاه الله عنهم في عدة مواضعَ من القرآن الكريم؛ كقوله جل جلاله: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إبْرَاهِيمَ إنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا} [مريم: 41]، وقال تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إسْمَاعِيلَ إنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا} [مريم: 54]، وقال سبحانه: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إدْرِيسَ إنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا 56 وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} [مريم: 56، 57]، وفي كتابه العزيز: {يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِيقُ أَفْتِنَا…} [يوسف: 46].

وقال تعالى عن رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: {بَلْ جَاءَ بِالْـحَقِّ وَصَدَّقَ الْـمُرْسَلِينَ} [الصافات: 37]؛ «أي: صدَّق مَن كان قبله من المرسلين»؛ أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم وغيرهم عن قتادة؛ فإرساله صلى الله عليه وسلم كان أكبرَ علامةٍ على صدق الرسلِ في ما أخبَروا به.

الصدق في حياة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم:

عاش النبي صلى الله عليه وسلم والصدق حبيبه وصاحبه، ويكفيه صدقاً أنه أخبر عن الله بعلم الغيب، وائتمنه الله على الرسالة، فأداها للأمة كاملة تامة، لم ينقص حرفاً ولم يزد حرفاً، وبلّغ الأمانة عن ربه بأتمّ البلاغ، فكل قوله وعمله وحاله مبني على الصدق، فهو صادق في سلمه وحربه، ورضاه وغضبه، وجدّ وهزله، وبيانه وحكمه، صادق مع القريب والبعيد، والصديق والعدو، والرجل والمرأة، صادق في نفسه ومع الناس، في حضره وسفره، وحلّه وإقامته، ومحاربته ومصالحته، وبيعه وشرائه، وعقوده وعهوده ومواثيقه، وخطبه ورسائله، وفتاويه وقصصه، وقوله ونقله، وروايته ودرايته، بل معصوم من أن يكذب، فالله مانعه وحاميه من هذا الخلق المشين، قد أقام لسانه وسدّد لفظه، وأصلح نطقه وقوّم حديثه، فهو الصادق المصدوق، الذي لم يحفظ له حرف واحد غير صادق فيه، ولا كلمة واحدة خلاف الحق، ولم يخالف ظاهره باطنه.

بل حتى كان صادقاً في لحظاته ولفظاته وإشارات عينيه، فلما كان يوم فتح مكة أمن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلا أربعة نفر وامرأتين، وقال: اقتلوهم! وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة، عكرمة ابن أبي جهل، وعبد الله بن خطل، ومقيس بن صبابة، وعبد الله بن سعد بن أبي السرح… فقال: «أما كان فيكم رجل رشيد، يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته، فيقتله فقالوا: وما يدرينا، يا رسول الله ما في نفسك؟ هلا أومأت إلينا بعينك، قال: إنه لا ينبغي لنبي أن يكون له خائنة أعين».

فهو صلى الله عليه وسلم صادق مع ربه، صادق مع نفسه، صادق مع الناس، صادق مع أهله، صادق مع أعدائه، فلو كان الصدق رجلاً لكان محمداً صلى الله عليه وسلم، وهل يتعلم الصدق إلا منه؟! وهل يُنقل الصدق إلا عنه؟! فهو الصادق الأمين في الجاهلية قبل الإسلام والرسالة، فكيف حاله بعد الوحي والهداية ونزول جبريل عليه ونبوته وإكرام الله له بالاصطفاء والاجتباء والاختيار!

حثّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدق:

كان رسول الله دائماً ما يحث المسلمين على الصدق في أقوالهم وأفعالهم فيقول: «عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ؛ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقاً، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ؛ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّاباً».

وكان صلى الله عليه وسلم يرفع من قيمة الصدق فيقول: «أَحَبّ الْحَدِيثِ إِلَيَّ أَصْدَقُهُ...».

بل ويُوَجِّه رسول الله خطابه للمسلمين قائلاً لهم: «اضْمَنُوا لِي سِتًّا مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَضْمَنْ لَكُمُ الْجَنَّةَ؛ اصْدُقُوا إِذَا حَدَّثْتُمْ، وَأَوْفُوا إِذَا وَعَدْتُمْ، وَأَدُّوا إِذَا اؤْتُمِنْتُمْ، وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ، وَغُضُّوا أَبْصَارَكُمْ، وَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ».

ومن عظمة رسول الله التربوية: ما تركه في نفوس أحفاده والمسلمين من حُبّ الصدق، وأكبر دليل على ذلك ما رواه أبو الحوراء السعدي؛ حيث قال: قلتُ للحسن بن علي: ما حفظت من رسول الله؟ قال: حفظت من رسول الله: «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لا يَرِيبُكَ؛ فَإِنَّ الصّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ، وَإِنَّ الْكَذِبَ رِيبَةٌ»[6]، يقول القاضي عياض رحمه الله في الشفا: «وأما أقوالُه صلى الله عليه وسلم فقامت الدلائلُ الواضحة بصحة المعجزة على صدقِه، وأجمعت الأمة فيما كان طريقه البلاغ أنه معصومٌ فيه من الإخبار عن شيء منها بخلاف ما هو به، لا قصداً ولا عمداً، ولا سهواً ولا غلطاً».

ومن الأحاديث في صدقه صلى الله عليه وسلم وبُغضه للكذب: حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «كان أبغضَ الخُلق إليه الكذبُ».

وعنها قالت: «كان رسولُ الله إذا اطلع على أحدٍ من أهل بيته كذب كذبةً، لم يزل معرضاً عنه حتى يُحدِثَ توبة».

فما رأيك أخي المسلم ياترى كيف سيكون حالك أمام حضرة النبي صلى الله عليه وسلم إن علم بكمية الكذب في حياتك؟ هل ستحتمل إعراض النبي عنك بسبب الكذب؟

أقسام  ومراتب الصدق كما قسمها العلماء:

ينقسم الصّدقُ إلى مراتبَ وأقسامٍ كالآتي:

1- الصدق في اللسان:

وهذه المرتبة من الصدق هي التي يحصر كثير من الناس الصدق فيها، ولا يتجاوزونها إلى غيرها، ولا شك أنها مرتبة عظيمة وتكميلها من أعز الأمور وأشقها على النفس، ولكنها يسيرة على من يسرها الله عليه، وجاهد نفسه في تحقيقها.

فلا ينقل المسلم إلا الأخبار الصادقة، وهذا بدوره يتطلب من الناقل التثبت فيما يقال، واجتناب الظنون والأوهام والحذر من التحدث بكل ما يُسْمَعُ، فمن حفظ لسانه من الإخبار عن الأشياء على خلاف ما هي عليه فهو صادق في خبره، وهذا يقتضي الابتعاد عن الظنون والإشاعات. قال صلى الله عليه وسلم: «إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث»[16]، وقال: «كفى بالمرء إثماً أن يحدث بكل ما سمع»[17].

2- الصدق في النية والإرادة:

يرجع ذلك إلى الإخلاص وهو ألا يكون له باعث في الحركات والسكنات إلا الله تعالى، فإن مازجه شوب من حظوظ النفس بطل صدق النية وصاحبه يجوز أن يسمى كاذباً. وذلك بأن تكون النية خالصة لله عز وجل ابتغاءً لمرضاته، وأن لا يكون هناك باعث في الحركات والسكنات إلا مرضاة الله عز وجل، فإن شاب النية شيء من حظوظها لم تكن صادقة، قال تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْـحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ 15 أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [هود: 15، 16].

3- الصدق في الوفاء بالعزم:

فإن النفس قد تسخو بالعزم في الحال؛ إذ لا مشقة في الوعد والعزم والمؤونة فيه خفيفة، فإذا حصل التمكن وهاجت الشهوات انحلت العزيمة وغلبت الشهوات ولم يتفق الوفاء بالعزم، وهذا يضاد الصدق فيه، ولذلك قال الله تعالى: {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23]، ومما جاء في أسباب نزول هذه الآية ما رواه أنس رضي الله عنه: أن عمه أنس بن النضر لم يشهد بدراً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فشق ذلك على قلبه وقال: أول مشهد شهده رسول الله غبت عنه، أما والله لئن أراني الله مشهداً مع رسول الله ليرين الله ما أصنع! قال: فشهد أحداً في العام القابل فاستقبله سعد بن معاذ فقال: يا أبا عمرو إلى أين؟ فقال: واهاً لريح الجنة! إني أجد ريحها دون أحد! فقاتل حتى قُتل فوُجد في جسده بضع وثمانون ما بين رمية وضربة وطعنة؛ فقالت أخته بنت النضر: ما عرفت أخي إلا ببنانه.

4- الصدق والنصح في المعاملات:

فليعلم  وليتعلم أصحاب المهن والمعاملات أهمية الصدق في تعاملهم مع الناس وليدركوا أيضاً خطورة وعاقبة الكذب والغش في البيع والشراء فأهون عقوبة له هو اختفاء البركة في المال.

إن الله سبحانه وتعالى أوجب على المسلمين الصدق والنصح في جميع المعاملات، وحرم عليهم الكذب والغش والخيانة، وما ذاك إلا لما في الصدق والنصح وأداء الأمانة من صلاح أمر المجتمع والتعاون السليم بين أفراده والسلامة من ظلم بعضهم لبعض وعدوان بعضهم على بعض، ولما في الغش والخيانة والكذب من فساد أمر المجتمع وظلم بعضه لبعض وأخذ الأموال بغير حقها وإيجاد الشحناء والتباغض بين الجميع، ولهذا صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبيّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما».

وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من غشنا فليس منا»، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم على صبرة من طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللاً فقال: «ما هذا يا صاحب الطعام؟» قال: أصابته السماء يا رسول الله قال: «أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس من غش فليس مني»

 

 

ثمرات الصدق وفوائده على المسلم في الدنيا والآخرة:

يعودُ الصّدق بثمرات ومنافعَ عديدة على صاحبه، نذكرُ بعضاً منها ونسعى جاهدين للتحلي بالصدق لننال شرف رضا الله في الدنيا والآخرة, فالصدق يمنحنا:

  1. تحقيق العبوديّة لله عزّ وجل: وذلك بالاقتداء بنهج نبيّه -علية السّلام-، والشعور بمراقبة الله -عز وجل- لنا في أقوالنا وأنفسنا، ودوام الصّلة بالله -عز وجل- حين نطلب الهداية بصدق.
  2. نيل حسن العاقبة في الدنيا والآخرة: ينال الصادق خير الدنيا وحُسن الخاتمة في الآخرة بفضل الصّدق، كما ورد عن الرّسول -عليه السّلام- في الأحاديث المذكورة أعلاه.
  3. نيل الثناء في الملأ الأعلى وفي الدنيا: ينال الصّادق درجة الثناء في الملأ الأعلى، وتعلو منزلته في الدّنيا، ويعظم قدرُه بين النّاس نتيجة تَحَرّيه للصدق، كما ذُكر في الحديث أعلاه.
  4. البركة في الدنيا والآخرة: حصول الصّادق على بركة في عمره وفعله ورزقه عند تطبيق الصدق في كلّ حياته.
    عِظَم القَدْر، وعُلُوّ المنزلة في المجتمع: فالذي يتحلّى بالصّدق يَعْظُم قَدْرُهُ، وتعلو منزلته بين الناس؛ لاعتقادهم أنه ما فعل ذلك إلاّ عن حسن سيرة، ونقاء سريرة، وكمال عقل.
  5. مصدر للرّاحة النفسيّة والطّمأنينة: تستقيم حياة الفرد بالصّدق، وبالتّالي يتخلّص من المُكَدِّرات التي تشوبُ حياة بعض الأفراد؛ بسبب عدم الوضوح والشكّ، قال الرسول -عليه السّلام-: (دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ، فَإِنَّ الصِّدْقِ طُمَأْنِينَةٌ، وَإِنَّ الْكَذِبَ رِيبَةٌ).
  6. الصدق نجاة لصاحبه: كما في قصة كعب بن مالك لمّا تخلّف عن غزوة تبوك.
  7. نيل الأجر والثّواب في الآخرة: فالمسلم حين يحاول طيلة حياته إرضاء الله بصدق، ويتحرّى الصدق في كلّ حياته ينال الأجر الكبير،لقوله تعالى: “هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ”

بعض الأقوال في الصدق للصحابة والتابعين:

حرص الصّحابة والتّابعونَ على تحرّي الصّدق في حياتهم، وعلّموا هذا الخلقَ لأولادهم، وفيما يأتي هذه بعض الإضاءات حول الصّدق:

  • قال عبد الملك بن مروان لمعلّم أولاده: (علّمهم الصّدقَ كما تعلّمهم القرآن).
  • قال عمر بن الخطّاب: (لأنْ يضعَني الصّدقُ وقلّ ما يفعل، أحبّ إليّ أن من أن يرفعَني الكذبُ وقلّ ما يفعل).
  • قال ابن عباس -رضي الله عنه-: (أربع من كن فيه فقد ربح: الصّدق، والحياء، وحسن الخلق، والشّكر).
  • قال الإمام الأوزاعيّ -رحمه الله-: (والله لو نادى منادٍ من السّماء أنّ الكذب حلال ما كذبت).
  • قال يوسف بن أسباط -رحمه الله-: (لأن أبيت ليلةً أعامل الله بالصّدق أحبّ إليّ من أن أضرب بسيفي في سبيل الله).

وأخيرًا:

أوصيك أخي الحبيب بما وصى به أبو سليمان رحمه الله حيث قال:

“اجعل الصدق مطيتك، والحق سيفك، والله تعالى غاية طلبك”.

وأختم بهذه الوصية الجامعة للحبيب النبي صلى الله عليه وسلم، الذي ما ترك خيرًا إلا دلنا عليه، ولا شرًّا إلا حذرنا منه:

ففي حديث أخرجه الإمام أحمد، والحاكم عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أربعٌ إذا كن فيك، فلا عليك ما فاتك من الدنيا: صدق الحديث، وحفظ الأمانة، وحسن الخلق، وعفة مطعم))؛ (صحيح الجامع: 873).

فاللهم ارزقنا الصدق في القول والعمل، والسر والعلن وارفعنا بصدقنا للدرجات العلا من الجنة.

عن bdolany

شاهد أيضاً

أهمية الصدق في تفسير حديث نبوي شريف

أهمية الصدق في تفسير حديث نبوي شريف

الصدق: هذه الصفة التي عندما نسمع بها عن شخص ما يتجسد لدينا الشعور بأنه شخص …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *